جزاكى الله خيرا يافرحه
ولعل أعظم الحلماء من بني البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، فكم كان حليما وهو يتعرض لأذى قومه وكان يؤثر الصبر على العقوبة تجاههم مع قدرته على العقوبة لهم والانتقام منهم منطبقا عليه قول الشاعر :
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر
ذكر بن حبان في صحيحه قال:
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب أخبرني عروة أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: ثم لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال؛ لتأمر بما شئت فيهم0 قال: فناداني ملك الجبال، وسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك؛ لتأمرني بأمرك إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا
وهذا التصرف غاية الحلم ، فالقدرة حاصلة ، والمعين هو الله عز وجل وملائكته ،والخيار بيده والله يعلم ما يد ورفي خلده ، ولكن خُلق الرسول صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته المتمثل في أقصى درجات الحلم أبى عليه إلا العفو
وحين سمع قول النابغة الجعدي :
ولا خير في حلم إذا لم تـكن له بوادر تحمي صفوه أن يكـدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
قال صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك ، فعاش مئة وسبعين سنة لم تنقض
له ثنية"